د. أحمد بلحاج آية وارهام

في عالمٍ غالبًا ما تُختزل فيه الروحانيات إلى مجرد طقوسٍ وعزلة، يأتي هذا الكتاب ليروي قصة استثنائية عن مسارٍ صوفي تجديدي لم يكتفِ بالتحليق في عوالم المعنى، بل غرس جذوره عميقًا في أرض الواقع ليؤسس حضارةً من نور وعمل. هذا ليس مجرد سيرة شخصية للشيخ أحمد بمب، مؤسس الطريقة المريدية ، بل هو رحلةٌ فكرية وعملية تكشف كيف يمكن للإرادة الصادقة أن تتحول إلى قوة تغيير هائلة.

يتجاوز المؤلف السرد التاريخي المعتاد، ليغوص في أعماق فلسفة الطريقة المريدية التي تجمع بين الالتزام الروحي العميق والتكافل الاقتصادي والاجتماعي. يوضح الكتاب كيف أن "حضارة المعنى الروحي" التي أسسها الشيخ لم تكن مجرد مدينة فاضلة نظرية، بل كانت واقعًا ملموسًا. فبينما كان المستعمرون ينظرون إلى السنغال على أنها مجرد مستعمرة، كان الشيخ بمب يبني "طوبى" كمركز اقتصادي وروحي ضخم، ينهض على أكتاف مريديه الذين حولوا العمل الشاق إلى عبادة.

في هذا الكتاب، ستكتشف سر تلك القوة الخفية التي مكنت الطريقة المريدية من أن تصبح من أقوى الطرق الصوفية وأكثرها انتشارًا في غرب أفريقيا. ستدرك كيف حولت الطريقة مفهوم التصوف من الانعزال إلى الانفتاح، ومن الزهد المطلق إلى الكسب الحلال والعمل المثمر. يمثل هذا العمل دعوة للتأمل في منهجٍ يربط ما بين العقل والروح، وبين الأرض والسماء. إنه ليس مجرد كتاب للقراءة، بل هو خارطة طريق نحو بناء مجتمع متماسك، يزدهر فيه الرخاء الروحي والمادي، ويقوم على مبادئ الحق والعدل

مؤسسة رنة للنشر والتوزيع والطباعة

تسجيل حساب جديد