عمر الموريف

في عالم تتصارع فيه الأفكار وتتشابك فيه المسارات، يأتي هذا الكتاب ليضع قضية الدين والتشريع على طاولة التشريح الفكري، متتبعًا رحلة مفكر استثنائي، هو عبد الجواد ياسين. إنه ليس مجرد كتاب عن التشريع، بل هو رحلة استكشافية عميقة في دهاليز الفكر الذي سعى إلى التوفيق بين ثبات النص الديني وحركية الواقع البشري. يغوص الكتاب في مراحل تطور فكر ياسين، بدءًا من رؤيته الأصولية المبكرة التي اعتبرت المجتمعات الحديثة تعيش "جاهلية معاصرة"، مرورًا بانتقاده اللاذع للمنظومة الفقهية التي أنتجت تشريعات لا تتوافق مع النص الأصيل، وصولًا إلى تمييزه بين "الدين" كجوهر إيماني مطلق، و"التدين" كممارسة اجتماعية نسبية ومتغيرة.

هذا الكتاب يفتح نقاشًا جريئًا حول إشكالية العلاقة بين التشريع الديني والقانون الوضعي، متجاوزًا المواقف التقليدية التي ترى في التشريع الديني نصًا أزليًا ثابتًا. إنه يحلل كيف أن الصراعات التاريخية والسياسية أثرت في صياغة الفقه وأخرجت التشريع عن مساره الأصيل، ليتحول إلى "نص وافد". يمثل هذا العمل دعوة لكل باحث وطالب إلى النظر بعمق في علاقة النص بالواقع الاجتماعي، وإلى إعادة قراءة التراث الديني بمنهجية حداثية. إنه مشروع فكري يتطلب إنصافًا، يضع صاحبه في موقف صعب بين تيارين، لكنه يقدم في النهاية خيارًا توفيقيًا يعد الأنسب لجمع المختلف عليه في المجتمعات المتشابهة.

Maak een account